أساليب التمويل وأنواع الممولين
2022/05/14
من هم الممولين؟ وكيف تتعامل معهم؟
من أهم الأدوات المساعدة في بناء الشركات التمويل. أنواع الممولين عديدة، ومتطلباتهم مختلفة، وكذلك شهيتهم للمخاطر. دعنا نتعرف على أنواعهم وما يتوقعونه منك، لتختار الأنسب وتبدأ علاقتك معه بشكل صحيح.
بيع الحصص أو إصدار الأسهم مرتبط بالعرض والطلب، لذلك ليس من المتوقع منك أن تقوم ببيع شركتك بالقيمة الدفترية أو بسعر تكلفة إنشاءها. إن اردت التفكير بها بطريقة أخرى، الطباخ الذي يرغب في بيع طبق قام بالعمل عليه لن يبيعه بسعر المواد التي استخدمها في إعداد الطبق. لو وجدت أحدهم يقوم بذلك لن تصدق، وقد تشك بأن هناك خطأ ما، فهذا جنون. فهو لا بد وأن يضيف ربحه ويغطي تكلفة وقته وجهده الذي وضعه في إعداد ذلك الطبق. عندما يقرر هذا وضع الزيادة على تكلفة الطبق، قد يختلف السعر بين طباخ وآخر. فقد تجد طباخين يستخدمان نفس المواد في إعداد نفس الطبق ولكن أحدهم يبيع طبقه بضعف سعر الآخر.. لماذا؟ الجواب: التسعير وسببه العرض والطلب! الطبيعة البشرية تحكم علينا، البائع يرغب في كسب أكبر قدر ممكن من العوائد وبالتالي سيحاول البيع بأعلى سعر. والمشتري يرغب بالشراء بأقل سعر ممكن وبالتالي سيحاول الحصول على المنتج مجانًا لو تمكن من ذلك. ولهذا السبب تتفاوت الأسعار.
في عالم الأعمال، بناء الشراكات على الرغم من أن البائع يبيع حصة في شركة للمشتري، إلا أن العملية ليست كعملية البيع التقليدية. في البداية العلاقة في الشراكة مستمرة. فالمشتري سيبقى ويعمل مع البائع، لما شاء الله. وبطبيعة الحال، لو أن البائع قام ببيع الشركة بسعر مبالغ فيه، فإن المشتري سيكتشف ذلك، وهذا لن يخدم العلاقة بينهما بأي شكل. لذلك التفكير في البحث عن المستثمر (الشريك المناسب)، وتحديد السعر للصفقة عملية قد تكون أكثر تعقيدًا من عرض الشركة والمزايدة عليها قبل إقفال الصفقة.
أساليب التمويل
أسلوب التمويل الأنسب يرتبط بشكل رئيسي بمستوى خطورة الاستثمار والعوائد المتوقعة منه. الشركات التقليدية، ولوجود الكثير من النظائر والتجارب، فهي أقل مخاطرة نسبيًا، وكلما تحركنا بإتجاه الشركات الإبتكارية كلما زاد مستوى المخاطر المتعلقة بالمشروع. العوائد المفترض أنها تكون مرتبطة بمستوى الخطورة. وكلما زادت الخطورة كلما ارتفعت العوائد المتوقعة. كل مستوى من المخاطرة يرتبط بأداة مختلفة من التمويل، وهذا استعراض لأكثرها شيوعاً:
- القروض تكلفتها الأقل فهي تتطلب سداد فوائد (رسوم أو مرابحة) لحين تسديد القرض، وعندها تنتهي علاقتك بالمقرض ويعود المشروع بالكامل لك. إشكاليتها في أنها لا تتحمل الخسائر معك ولا تصبر عليك لحين تحسن أوضاع شركتك. لذلك هذه الأداة غير مناسبة عندما تكون رؤية الشركة غير واضحة أو مستويات المخاطرة عالية. ويدخل أيضاً في احتساب المخاطرة أيضاُ حجم المبلغ المستثمر وقدرة المقترض على السداد.
- الملكية الخاصة، تكلفتها أعلى من القروض لكونها تدخل في ملكية الشركة والعلاقة ومشاركة العوائد تستمر لحين التخارج. الملكية الخاصة تدخل في المشاريع التي قاربت على النضوج أو نضجت لدرجة تؤهلها على إستقراء المستقبل بشكل أفضل، ولكن لا يزال بها عوامل مخاطرة تجعل من الإعتماد على القروض فقط مسألة خطرة وقد لا تقبل بها البنوك. عادة ما يكون دخول الملكية الخاصة للدعم المالي وكذلك الدعم الإداري، كالمساعدة في تنمية المشروع أو إعادة هيكلته أو توفير كوارد إدارية خاصة.
- رأس المال الجرئ، وهو نوع خاص من الملكية الخاصة. يقبل بالدخول في المشاريع التي لم تصل بعد لمرحلة النضوج ولكن تمتلك بعض المقومات اللازمة للنجاح. يمكنك القول بأنها أشبه بالمراهنة مدروسة على الشركات. على عكس الملكية الخاصة، والتي تستهدف عدد محدود من المشاريع للإستثمار، رأس المال الجرئ يستهدف عدد أكبر من الشركات. ونتيجة لذلك يكون الدعم الإداري أقل، ومحدود بالتوجيه والمساندة. وهو بطبيعة الحال الأعلى تكلفة بين الثلاثة.
- المشاريع التي يكون مستوى مخاطرتها أعلى قد تتوفر لها مصادر تمويل أخرى، كالمستثمرين الملائكيين، وهم افراد متخصصين في مجال ويرغبون في الإستثمار في الشركات الناشئة. الملائكي الجيد سيساعدك على بناء مشروعك ولن يكون متطلباً جداً من ناحية العوائد فهو يهتم بالتجربة وأن يعيشها معك أكثر من العائد المادي. وهناك جهات أخرى أيضاً كمنح الجهات الحكومية أو غير الحكومية، مسرعات الأعمال، وصناديق خدمة المجتمع.
دوافع المستثمر
تختلف الزاوية التي ينظر المستثمر والمؤسس للمشروع من خلالها. المؤسس بحكم عيشه للحلم بشكل يومي، وطبيعته المتفائله وربما تعلقه العاطفي بالمشروع، يدفع للنظر والتركيز على الجوانب الإيجابيه من مشروعه. أيضاً ولكونه هو مالك المشروع، قد يشعر بالحذر من التفريط وإعطاء حصص تفوق الحاجة. على الجانب الآخر المستثمر، وخصوصاً الجريء، يدرك من الإحصائيات أن نسب فشل المشاريع الناشئة مرتفع جداً. وحتى تلك المشاريع التي تنجح بالوصول إلى خط النهاية، قد لا تكون إنجازاتها متوافقه مع التوقعات. ما قد لا يدركه البعض أن الفرق بين المستثمر الجريء والمقامر شعره، فالأول يدخل في مغامرات محسوبة وبعد تقدير أو إدارك للمخاطر المتعلقه بها، أما المقامر فهو الذي يدخل المغامرة دون إدراك أو احتساب للمخاطر وجدوى دخوله فيها.
الممولين غير المؤسسين من حيث الدافع للإستثمار ينقسمون إلى قسمين رئيسين: ممولين دوافهم مالية، وآخرون لهم دوافع أخرى كالعاطفة، المصلحة العامة، وغيرها. أصحاب الدوافع المالية هم المنظمات الإستثمارية ومنها رأس المال الجريء والملكية الخاصة. وهؤلاء تواجدهم مهم لدفع عجلة المشروع للأمام ودعم تحول الشركة للإستدامة والإكتفاء الذاتي. المجموعة الأخرى تشمل الأصدقاء والعائلة وهؤلاء غالباً ما يكفيهم رؤيتك تحاول وتنجح، والمستثمرين الملائكيين الذين يجذبهم مجال المشروع ويرغبون بدعمك وأن يعيشوا معك تجربتك لخلق تغيير في المجال، الجهات المانحة قد تكون جهات غير ربحية، خدمة مجتمعية أو منظمات حكومية تسعى لتحريك الإقتصاد الوطني وبناءه. المجموعة الثانية قابليتها للمخاطرة أعلى من المجموعة الأولى وقد لا تنطبق عليها قوانين الإستثمار التقليدية.
في النهاية كلا الفريقين شركاء محتملين، ومن الضروري أن تعرف أهداف شريكك لتعرف ما إذا كنت قادراً على تحقيق طموحاته. المؤسسات الإستثمارية، خصوصاً في المراحل المبكرة تعلم بأن نسبة فشل المشاريع الناشئة عال جداً. ولذلك ولمعادلة المخاطرة وزيادة فرص تحقيق العوائد الجيدة، تقوم بتوزيع الإستثمارات على عدد كبير من المشاريع. ثم دعمها ومساعدة أصحابها، وباستمرار متابعة أداء الشركات. الشركات التي تبدأ بإعطاء مؤشر بأنها تسير بالطريق الصحيح من ناحية النمو وفرص التخارج الجيدة، يتم إعطاءها أولوية في الدعم، وربما تم إعادة الإستثمار فيها مرة أخرى. أما الشركات ذات الأداء المقبول أو الضعيف فإنه يتم محاولة إنقاذها، ولكنها ستكون أولوية ثانية.
العوائد التي يتوقعها المستثمر
دعم المسثتمرين يفتح أبواب للشركة ويساعدها على تأمين الجولات الإستثمارية التالية. الجدول التالي يوضح معدلات العائد المتوقع على الإستثمار في المراحل المختلفة. سيساعدك في تحديد متى تبدأ بطلب التمويل، وأيضاً في رسم خطة التمويل المستقبلية لشركتك.
الاستثمار | الشركات الناضجة | الشركات النامية | الشركات تحت التأسيس |
العوائد المتوقعة | 5 إلى 30٪ | 30 إلى 60٪ | 60 إلى 80٪ |
يلاحظ في الجدول معدلات النسب التي يتوقعها المستثمر في مراحل الإستثمار. وهي تبدأ من 80% لمرحلة للشركات تحت التأسيس، وذلك لكونها الأخطر. وصولاً إلى الشركات الناضجة وفيها النسبة تنخفض إلى 5٪. من خلال معرفتك بالمرحلة ومدى قربك أو بعدك من المرحلة التالية يمكنك توقع النسبة المناسبة لك. والنسبة مركبة، أي أنها تحسب حسب المعادلة التالية: ([1 + العوائد المطلوبة]^عدد السنوات). والنتيجة تكون الرقم المضاعف للمبلغ المستثمر. فلو استثمر خالد مبلغ 1,000,000 ريال في شركة توصيل، وكانت النسبة المطلوبة 60٪ ومن المتوقع أن يتم التخارج بعد خمس سنوات. سيكون إجمالي العائد المطلوب هو 1.6^5 ويساوي 10.49 مكرر. أي أن المبلغ الذي يتوقع خالد الحصول عليه عند التخارج هو 10,490,000 ريال.
من المثال السابق، يمكننا البدء بوضع تصور مبدأي عن التقييم والنسبة المرضية لخالد. فلو كان المتوقع أن يكون تقييم الشركة وقت التخارج 20,000,000 ريال، بشرط أن لا تكون هناك جولات استثمارية تاليه للجولة التي شارك فيها خالد. وقت التخارج يجب أن تكون نسبة ملكيته 52%. وهذه تم حسابها بتقسيم مبلغ التخارج على قيمة الشركة وقت التخارج (10,490,000 ÷ 20,000,000). وهذا في الواقع تبسيط لأحد أساليب التسعير التي سنتحدث عنها لاحقاً. صاحب المشروع حينها سيقرر هل 52% مناسبة، هل مبلغ 1,000,000 كثيرة؟ هل يمكن التخارج قبل 5 سنوات؟ هل يمكن تحقيق تخارج بقيمة أفضل؟ هل يستطيع تخفيض نسبة العائد لو أجل الجولة قليلاً وحل بعض المشاكل الموجودة لديه؟
أي المشاريع أنت؟
قبل طرح المشروع على المستثمرين ومحاولة إقناعهم، يمكنك مستخدما ما سبق حاسبياً توقع الإجابة التي ستسمعها. فمثلاً لو كان مشروعك:
- للتو أعددت نموذجك الأولي (مرحلة البذرة)،
- تحتاج إلى 1,500,000 ريال للإستثمار،
- 4 سنوات حتى تصل به لمرحلة النضوج،
- وكان تقييم المشاريع المماثلة لمشروعك في الحجم ودرجة النضوج المتوقع وقت التخارج يتراوح بين 10 و 12 مليون ريال.
فإنك بإستخدام المضاعف (6.6×) يمكنك توقع أن المستثمر سيطلب منك بين 99% و 83%، وهي نسبة عالية وستفقد معها السيطرة على الشركة من اليوم الأول. إذا كان ذلك لا يناسبك، قد تحتاج لإعادة النظر سواء بإعادة توزيع التمويل على مراحل إضافية، أو محاولة التجاوز للمرحلة التالية، أو بتغيير الفكرة.
جاهزية الشركة للإستثمار ترتبط بشكل رئيسي على قدرة طالب التمويل على اقناع الممول على تناسب مستوى المخاطرة المرتبطة بالمشروع بشهية الممول. للمقرض مثلاً، شهيته للمخاطرة محدودة ولذلك يحتاج لأن يرى التدفقات النقدية وإتجاهات السوق وحجم الأصول المتوفرة لديك وخططك المستقبلية وقدرتك على تحقيق تلك الخطط. بالتالي لا يمكن إعتبار المقرض ممول للمشروع في مرحلة التأسيس، ففعلياً هو إما أن يقرضك شخصياً، أو ينتظر لحين تملك المشروع لأصول بإمكان المقرض استخدامها كضمانات.
على الجانب الآخر الملكية الخاصة ورأس المال الجرئ سيحاولون تقدير حجم خطورة الفكرة وتقدير نسبة النجاح والفشل. الملكية الخاصة سيركز على أداء الشركة في الماضي، ومدى قدرته على مضاعفة حجم الشركة من خلال ضخ النقد والدعم الإداري. أما رأس الملكية سيدرس الفكرة والفريق ليتأكد من قدرة الفريق على توظيف ما سيوفره من نقد على تحويل الفكرة إلى واقع. وكلاهما سيبحث أيضاً حجم العائد المتوقع من نجاح الشركة، وتناسبه مع خطط الإستثمار الخاصة بهم.