التحضر للاستثمار
2022/05/15
ما الذي تفعله بعد تأسيس شركتك وقبل دخول المستثمرين؟
ادخال طرف خارجي لتمويل الشركة ليس بالأمر السهل، وتترتب عليه أمور عديدة.. دعنا نتحدث عن ذلك ونحاول حصر الأمور التي يتوجب عليك التفكير فيها وكيفية التجهز لها.
المستثمر سيكون شريك في الشركة، حريص على نجاحها. قد يدعوه حرصه هذا لسد اي فراغ يشعر بأنك اغفلته. قد يكون هذا الفراغ مستندات قانونية لم تقم بالانتهاء منها، أو خطة عمل لم تنتهي منها، أو مهام إدارية أخرى قد لا تشعر بأهميتها أو أولوية العمل عليها اليوم. المشكلة هنا، أن هذه شركتك قبل كل شيء، وهناك أمور لا ترغب بأن يقوم طرف غيرك بالعمل عليها، أو أن يستعجلك لإنجازها، وربما لا ترغب بأن يفرض عليك رأي فيها. طالما أن المستثمر لم يدخل للشركة، فإنك تمتلك كامل الوقت لكتابتها ووضعها مع شركائك. لذلك دعني أذكرك بأهم الأشياء التي يتوجب عليك التفكير بها قبل فتح الجولة الاستثمارية.
إقفال المواضيع المتعلقة بحصص الشركاء
آخر ماترغب بإدخال المستثمر عليه، شركة المؤسسين غير متفقين على حصصهم. على الرغم من أن موضوع الشراكة والحصص بين المؤسسين من المفترض أنه موضوع مقفل قبل التأسيس. إلا أنه قد يكون هناك بقايا لبعض مواضيع لم يتم حلها بشكل كامل، هناك مؤسس لم يقم بتحويل المبلغ المتفق عليه بعد، وآخر قرر أن لا يكمل المطلوب منه أو قام بتولي مهام إضافية، وهناك مهام رصد لها نسبة وبعد البدء عليها اتضح أنها تحتاج لعمل إضافي وبالتالي تستحق نسبة إضافية. كل هذه المواضيع يجب أن تحل بالتراضي بين الشركاء، قبل الاجتماع الأول مع المستثمر الجديد. فمن جهة قد يشعر المستثمر بأن الشركة غير مستقرة وبالتالي قد يصرف النظر عنها، ومن الجهة الأخرى، قد يحاول التدخل للمساعدة في حل المشكلة واحتمالية أن يتسبب هذا بالضرر أعلى.
جدولة استحقاق حصص المؤسسين
من الأمور التي عادة ما يطالب بها المستثمرين، خصوصًا من يستثمر في الشركات الناشئة والشركات تحت التأسيس، وضع جدولة لاستحقاق حصص المؤسسين. هذا يعني بأن الحصص المرصودة لكل شريك، سيتم جدولتها على سنوات لضمان بقاء المؤسس لأطول مدة ممكنه. لذلك المؤسس الذي رصد له نسبة 30٪ مثلاً، سيتم جدولة هذه النسبة على ثلاث أو أربع سنوات مثلاً، فيحصل على 10 أو 7٪ تقريبًا سنويًأ. وفي حالة مغادرته قبل إنقضاء المدة، يحصل فقط على الحصص المستحقة. هذه الجدولة يمكنك أن القيام بها قبل دخول المستثمر، لتقلل من فرص طلبه لإعادة تصفير النسب أو فرض رأية حيال ما يتوجب عليك إعادة توزيعه. فيمكنك مثلاُ وضع جدولة للاستحقاق تبدأ من وقت التأسيس، ولا تشمل المساهمات النقدية، بالتالي وقت إقفال الجولة قد تجد بأنه قد مرت سنة أو أكثر على التأسيس والمؤسس حصل على حصة تعدل تلك المدة. وحينها المستثمر قد يوافق على إكمال الجدولة كما هي أو يطلب منك إعادة جدولة الحصة المتبقية والتي لم تستحق. طبعًا هذا لا يعني ان لا يمكنه طلب إعادة التوزيع بالكامل.
وضع خطة افتراضية للجولات الاستثمارية
على الرغم من أنك قد تشعر بأن الوقت لا يزال مبكراً على وضع الخطط بعيدة المدى. إلا أن التخطيط للجولات الإستثمارية ولو بشكل تقريبي وتقديري، ضرورة. أنت مؤمن بأنك قادر على تحويل مشروعك من فكرة بسيطة، قد لا يؤمن بها البعض اليوم إلى شيء كبير ومنافس في المستقبل القريب. في هذه الرحلة وقودك الحصص التي تمنحها للمستثمرين، وفي نهاية المشوار لا تريد أن تكتشف أنك قد استنفذت كل الحصص، ولم يبقى معك إلا القليل الذي لا يستحق تضحياتك وتعبك. بالإضافة للحصص، ستحتاج بالتفكير بالإحتياج المالي ومدى قدرتك تحقيق إنجازات تساعدك على رفع سعر الحصص التي ترغب ببيعها للمستثمرين. وبعد إقفال كل جولة استثمارية، تحتاج أن ترجع للخطة وتحدثها، ثم تحدد التسعير المستهدف للجولة التالية وما يجب عليك إنجازه للوصول إليه.
مع كل جولة استثمارية جديدة، ستقوم الشركة بإصدار حصص (اسهم) جديدة ومنحها للمستثمر. هذا يعني بأن المستثمر سيحصل على حصته، بينما حصة المؤسسين ستتآكل بما يعادل الحصة الجديدة. يعني لو حصل المستثمر الجديد على 20٪ فإن الشركاء الذي كانوا يمتلكون 100٪ ستنخفض نسبتهم إلى 80٪. وفي الجولة التالية لو دخل مستثمر آخر بنسبة 20٪ فإن الشركاء الحاليين (المستثمر القديم والمؤسسين) ستنخفض حصتهم أيضًا من 100 إلى 80٪. لاحظ أن المؤسسين نسبتهم انخفضت من 100 إلى 80 في الجولة الأولى وفي الجولة الثانية أصبحت 64٪.
مقابل النسب السابقة حصلت الشركة على نقد، حجم هذا النقد سيتحدد من خلال التقييم الذي وافق عليه المستثمر. لذلك وضع الخطة سيحتم عليك التفكير في النسب الممنوحة، والتقييم الذي ستصل إليه شركتك. أن ترغب بإدخال المستثمر الأول بأعلى تقييم ممكن، لتحصل منه على أعلى ضخ نقدي ممكن. ثم ترغب بإنماء شركتك خلال فترة زمنية، للحصول على أكبر زيادة منطقية في التقييم، يقبل بها المستثمر الثاني.. وهكذا. أفضل طريقة لتحقيق ذلك، توزيع المهام لإنجاز كافة المهام التي لا تتطلب استثمار نقدي خارجي، ولحين الوصول للنقطة التي لا يمكن التقدم بعدها إلا بالاستثمار الخارجي أو قبلها بقليل، تفتح جولتك الأولى. ثم تصرف النقد، وتعمل على إنجاز المهام التي لا تتطلب استثمار نقدي إضافي، وتفتح الجولة التالية. وهذا يتطلب معرفة بما هو مطلوب منك وكيف تعمل عليه، وماهي الأولويات المرحلية.
التحقق من وجود رؤية وخطة طويلة الأمد للشركة
من الأشياء التي يغفل عنها الكثير من رواد الأعمال، عدم التفكير في المستقبل. التفكير في المستقبل لا يعني أنك حين تضع رؤية أنها ستكون محفورة في الصخر ولن يمكن تغيرها في المستقبل. على العكس تمامًا ما تضعه اليوم غالبًا ستقوم بتغييره، ولكن على الأقل أنت وفريقك تسيرون نحو هدف معين. وحين تغير الهدف، سيكون الجميع على دراية به. إذا لم تضع رؤيتك، فإن غيرك سيضعها نيابة عنك. في حديثنا هنا المستثمر هو من سيضعها. طبعًا يمكنك توقع الرؤية التي سيضعها شخص بعيد عن السوق ولا يعرف مشاكله. ثم في حالة وضعه للرؤية سيكون من الصعب عليك تغيير رؤيته أو تفسيرها دون العودة له، كما أن بعضهم قد يشعر بالإهانة حين تطالبه بتغير الرؤية أو حين تقوم بإنتقادها.
المؤسس عندما يعمل على مشروعه فإنه في العادة يكون مخة مبرمج على ملاحظة المشاكل اليومية وإيجاد الحلول السريعة. مع مرور الوقت، وتعوده على هذه الحالة يدخل المؤسس في مزاج التفكير التكتيكي ولا يمكنه ذلك من التفكير استراتيجيًا في مشروعه. التفكير الاستراتيجي، يتطلب منه نسيان كاف المشاكل اليومية، وعدم التفكير في الوضع الحالي، والنظر للمستقبل وأين يرغب أن يكون تمركز شركته خلال خمس سنوات مثلاً. ثم يرجع من تلك النقطة للآن ليحدد نقاط الفراغ وما ينقص مشروع للوصول لتلك النقطة. وبالتالي تتحدد عنده الأوليات. لو حاول أن يفكر بالعكس، ينطلق من اليوم للسنة الخامسة، فإن مشاكل اليوم ستشكل حاجز نفسي ومعنوي يمنعه من تجاوزها، سيكون دائمًا الرد في عقله، كيف سنكون الشركة رقم واحد، ونحن لا نستطيع دفع رواتب هذا الشهر. ومن الطبيعي أن تفكيره وجهد سينصب على كيفية تدبير الرواتب.
بناء نموذج مالي للشركة
من الأشياء الغريبة والغير منطقية، مقولة أن الشركة الناشئة لا تحتاج لنموذج مالي. وإذا كان ولا بد، فأقصى ما يمكن بناءه هو خطة لمدة سنة أو سنتين. هذه الطريقة في التفكير، تشجع الشركات على العمل بدون رؤية، وتولد شركات حارقة للنقد، ومدمنة على التمويل الخارجي. طالما أن هناك نقد وعمليات في الشركة. يمكن وضع خطة لتلخيص وضع الشركة وقدراتها بناء على المعطيات الحالية. هناك الكثير من المغالطات، والأهداف الغير منطقية التي لا يمكن رؤيتها إلا إذا تم بناء نموذج مالي يأخذ في الحسبان كافة الافتراضات. احرص أن تترواح دراستك المالية بين 4 إلى 7 سنوات. وابنه على اساس التدفقات النقدية الحالية. لتتمكن رؤية مستقبل الشركة، بدون الضخ الخارجي ومعه.
غرفة المعلومات
غرفة المعلومات هي ملف إلكتروني يحتوي على كافة الوثائق والمراجع المتعلقة بشركتك. بداية من الدارسات التي قمت بها لتحديد حجم السوق والشريحة المستهدفة، انتقالاً إلى مستندات تسجيل الشركة والاتفاقيات والعقود مع الموظفين والمؤسسين، وصولا إلى النماذج والخطط التشغيلية. بطبيعة الحال، هذه المستندات عالية السرية، وبالتالي سيكون عليك تصنيفها بشكل جيد لتحديد صلاحيات الوصول لها. وحين يطلبها المستثمر فسيكون عليك معرفة ما ستقوم بمشاركته معه، كي لا يتم تسريب معلومات للمنافسين.