مدارس الإدارة
2022/05/12
ماهي المدارس وكيف تطورت؟
الإدارة كما نعرفها اليوم هي تطور ومجموع لأعمال وبحوث مفكرين سابقين. لكن مما قد لايعرفه البعض، أن غالب أفكار الإدارة التي نتعامل بها اليوم، ليست قديمة جداً. دعنا نتعرف على أشر المدارس الفكرية في عالم الإدارة.
الإدارة هي: “العمل مع الآخرين واستخدمهم، لمزج الأفراد، المواد، المال، الأساليب، الآلات، والأخلاقيات. لوضع أهداف لمنظمة وتحقيقها” (المصدر ص٦). أما مهام المدير فهي كثيرة، وأهمها: التخطيط، التنظيم، التنسيق، القيادة. قد تختلف تصنيفات وتقسيمات الإدارة، لكن التقسيم الذي سأذكره أشعر بأنه أكثر واقعية. وفيه تم تقسيم مدارس الإدارة إلى خمسة مدارس:
- المدرسة التقليدية (Classical School).
- المدرسة السلوكية (Behavioral School).
- مدرسة الإدارة العلمية (Management Science School).
- مدرسة إدارة الجودة (Quality Management School).
- مدرسة الأنظمة (Systems School).
الإدارة عبر التاريخ:
مما سبق لابد وأنك لاحظت أن المهام السابقة كانت موجودة منذ فجر التاريخ. فالفراعنة مثلاً أنجزوا عملية بناء الأهرام ولابد أن كان هناك من يخطط للبناء ويوجه العمّال، وكذلك الرومان حكموا جزء كبير من العالم واحتاجوا لذلك قادة عسكريين. وليس ببعيد عنّا الدول الإسلامية أدارها الخلافاء والولاه. الإدارة كعلم لم توضع أساسياته وتوثق إلا في نهاية القرن التاسع عشر، وهذا ما سنتحدث عنه في المدارس الخمس للإدارة. لكن لا يعني ذلك أنه لم يكن هناك توثيق أو كتابات قبل ذلك التاريخ. بحسب موقع ويكيبديا هناك عدة كتابات قديمة في الإدارة وذُكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- “فن الحرب” لسن زو. وهو كتاب يتحدث بشكل رئيسي عن استرايتجيات الحرب ووضع الخطط، وله تطبيقات في مجال الأعمال والإدارة.
- نيكولو ماكفيلي في بدايات القرن السادس عشر، ألف كتاب “الأمير” يضع فيه أساسيات الدبلوماسية. وأهم أفكاره كانت بأن المحفز الرئيسي للأشخاص هو الفائدة الشخصية.
في تلك الفترة وحتى وقت قريب كان نظام العمل يتم بطريقة “المعلمية” إن صح التعبير. مثلاً، عندما يرغب شخص بشراء صحن، فإنه يذهب للنحّاس. هذا النحّاس غالباً ما كان يأخذ الطلبية من الزبون، ويصنع الصحن حسب الطلب. وفي الوقت ذاته هذا النحاس لديه عدد من الموظفين يشتغلون في محله ويتعلمون منه الصنعة. وكما تلاحظ عدد الموظفين قليل وبالتالي موضوع القيادة والتنسيق لم تكن صعبة. وأيضاً الإنتاج لم يكن موسعاً وبالتالي التخطيط أيضاً لم يكن صعباً.
كان ذلك هو الحال إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، حينها بدأ ما يعرف بالثورة الصناعية. الإنتاج بكميات كبيرة والمصانع جاءت وجاء معها الحاجة لتخفيض التكلفة وسرعة الأداة والجودة أو…للإدارة.
المدرسة التقليدية:
بزغت شمس المدرسة التقليدية للإدارة في القرن الثامن عشر وفي بدايات القرن التاسع عشر، كان البشر يعيشون مرحلة إنتقالية مهمة جداً. الثورة الصناعية، بدأ فيها الإنتاج المواد والبضائع بشكل كبير، وأيضاً بدأت المؤسسات الكبيرة بالظهور. صاحب ظهورها مشاكل تتعلق بإدارة هذه المؤسسات، وتوجيه العمّال والموظفين. حاول المنظرين وأصحاب الأعمال في تلك الفترة البحث عن الحل الأفضل للعمل والإنتاج، بما يتناسب والأوضاع السائدة في ذلك الزمن. انقسم الباحثين في تلك الفترة إلى قسمين:
- الإدارة العلمية Scientific Management.
- الإدارة الكلية Total Entity Management.
الإدارة العلمية:
أصحاب هذه الفكرة ركزوا في بحثهم على حل مشكلتين: كيف يتم زيادة معدل إنتاجية العامل؟ وكيف تتم زيادة فعالية الإدارة؟ اتبعوا في بحثهم أساليب علمية لحل المشاكل التي تواجه المؤسسة. مثلاً، الحسابات الرياضية، وخطوات لحل المشكلة أو خطوات لأداء العمل أو المهمة. بمعنى آخر، كان الباحثين ينظرون للعمّال على أنهم طرف في معادلة تضعهم في ذات الصف مع الآلات والمواد، متجاهلة الجانب الإنساني. أبرز أعلام هذه المدرسة:
- فريدريك تايلر، ينسب له فكر “التايلرزم” يعتبر هو الأب الروحي لمدرسة الإدارة العلمية. استخدم معرفته بالهندسة لحساب العلاقة بين الإنتاج والراتب. كان يؤمن بأن هناك طريقة تعتبر “الأفضل” للعمل، وينطبق هذا على كل الأعمال في الحياة. من هذا المنطلق مهمة العامل أن يحرص على اتباع هذه الطريقة بحذافيرها، والمدير عليه التأكد من قيام العمال بذلك. هناك أربعة أساسيات لفكر تايلر للإدارة العلمية:
- إستبدال التقريب أو مايعرف بـ”Rule-of-thumb” عند أداء المهام، بوضع آلية مبنية على دراسة علمية للمهام وطريقة إنجازها.
- إختيار العمال وتدريبهم بطريقة علمية.
- توفير شرح مفصل لطريقة أداء العمل، ومتابعة ومراقبة العامل للتأكد من أداءه لواجباته.
- تقسيم المهمة بين الرئيس والموظف، بحيث يتولى الرئيس التخطيط والترتيب، والموظف يؤدي المهمة.
- فرانك وليليان قيلبرث، زوجان، إنطلاقا من أعمال فريدريك تايلر وطوراها بإدخال الآلات وآليات لمساعدة العمال على تطوير أدائهم للحد الأقصى. تم ذلك باستخدام التدريب، الأدوات، بيئة العمل، وطريقة أداء المهام للعمال.
- ماكس فيبر، عالم اجتماع ألماني، مؤسس فكرة المنظمة المثالية أو الخالصة، هذه الفكرة سميت لاحقاً بالبيروقراطية. البيروقراطية تعني بأن المنظمة يجب أن تكون رسمية، غير شخصية، محكومة بالقوانين والأنظمة بدل الناس. يمكن التعرف على بروقراطية فيبر من العلامات التالية:
- تقسيم واضح ومحدد للعمال فيه يتم تحويل المهمة المعقدة إلى عدة مهام صغيرة مبسطة ومكررة.
- تعريف واضح للهيكل الإداري، وتحديد آلية مرتبة لرفع التقارير مرتبطة بالسلم الإداري.
- نظم وقوانين تحكم صلاحيات الموظف والعمليات في المنظمة.
- القرارات، التوجيهات، والأنظمة لابد وأن تكون مكتوبة.
- ترقيات الموظفين محكومة بالمؤهلات التقنية أو الدراسية.
- الموظف محمي من الفصل التعسفي.
- وليام ليفينقويل، ينظر له على أنه أب الإدارة المكتبية. قام بتطبيق الإدارة العلمية في الأعمال المكتبية، ووضع الخمسة أساسيات للعمل الفعّال:
- خطط للعمل.
- ضع جدول للعمل.
- إبدأ العمل.
- قس جودة العمل.
- كافئ الموظفين.
كما قد تكونون لاحظتم، أن هذه المدرسة لا تزال معظم الشركات في وقتنا الحاضر تعمل بأساسياتها. فمثلاً التايلرزم، هي أساس العمل في معظم المصانع. أما البيروقراطية فهي أساس العمل في الدوائر الحكومية، وهذا ليس الواقع في الوطن العربي بل على مستوى العالم.
الإدارة الكلية:
أهم ما يميز هذه المدرسة أنها بخلاف المدرسة العلمية لا تنظر للعامل على أنه وحدة إنتاج، وأن الإدارة هي بالسيطرة ورفع مستوى إنتاجيته. مدرسة الإدارة الكلية قدمت شيئين جديدين للإدارة: محاولة حل إشكاليات العمل بالنظر للمؤسسة أو المنظمة ككل، وبداية إدخال الجانب الإنساني والعاطفي في الإدارة. وأبرز أعلام هذه المدرسة:
- هنرلي فايول، أول من نظر وكتب في الإدارة ودعى لتدريس الإدارة في الجامعات والمدارس، وينتسب له فكر “الفايولزم”. وضع المهام الست للمدير الفعّال، وهي: التنبؤ، التخطيط، التنظيم، القيادة، التنسيق، والتحكم. كما وينسب له وضع أربعة عشرة قاعدة إدارية لاتزال تدرس، وتعتبر أساس لمعظم النظريات الإدارية إلى يومنا هذا، هذه النظريات هي:
- التقسيم والتخصص، في الأعمال تؤدي إلى نتائج أفضل وأكثر بذات المجهود.
- السلطة والمسؤولية، السلطة تصنع المسؤولية.
- الإنضباط في مكان العمل مهم جداً. ومن ينتهك قوانين العمل يجب على المدير مجازاته.
- وحدة تلقي القرارات، الموظف لا يتلقى الأوامر إلا من شخص واحد.
- وحدة مصدر القرارات، الأنشطة التنظيمية يجب أن تكون من سلطة مركزية وخطة عمل واحدة.
- مصلحة المنظمة تأتي قبل المصلحة الفردية.
- أجور الموظفين، الرواتب يجب أن تكون متناسقه مع الخدمة المقدمة وعادلة للموظف وصاحب العمل.
- المركزية، المركزية تهدف إلى الإستخدام الأفضل للموظفين، وتختلف درجة المركزية بإختلاف المنظمة.
- السلم الإداري، واضح ومحدد من أعلى إلى أدنى مرتبة في الهيكل الإداري.
- النظام، التنظيم للمواد والموظفين أمر أساسي في المنظمة.
- الإنصاف، معاملة الموظفين يجب أن تكون مزيجاً من العطف والمساواة.
- الإستقرار الوظيفي للموظفين، لتحقيق الحد الأقصى من الإنتاجية، يجب توفير بيئة عمل مستقرة.
- المبادرة، التفكير ووضع الخطط وتنفيذها دافع مهم للنجاح.
- العمل الجماعي مهم وأساسي لنجاح المؤسسة.
- ماري فوليت، من أوائل من كتب عن الإدارة من النساء، حاولت ملء الفراغ بين الإدارة العلمية الخاصة بفريدريك تايلر، والفلسفة الإجتماعية المستجدة في ذلك الوقت والخاصة بتحسين أوضاع العمال في مكان العمل. تركزت أعمالها على التحفيز ومجموعات العمل.
المدرسة السلوكية:
مدرسة الإدارة التقليدية وضعت الأسس التي تقوم عليها عملية حل مشاكل في العمل. لاحقاً تطورت تلك المدرسة بسبب التفات الناس لحقوق العمّال في مكان العمل. قد لا نختلف على أن معظم الموظفين يهتمون بالدرجة الأولى بالمال، أو الراتب. لكن هذا لا يعني أن هناك جانب إجتماعي، نفسي وجسدي يهتم به الموظفين. مثال على ذلك، يمكنك أن توفر وظيفة راتبها خمسين ألف ريال شهرياً، وستجد أن الموظفين سيتقاتلون على الحصول عليها، ولكن لو علم هؤلاء الموظفين أنها ستكون وظيفة مراسل صحفي من وسط المعركة، يدركون أنها تعني إنقاطعهم عن أهلهم، عيشهم تحت ضغط نفسي وجسدي لمدة العمل، لإنسحبوا عن التقديم للوظيفة.
وبالتالي في مدرسة الإدارة السلوكية، قام الباحثون بدراسة العنصر البشري من المنظمة الإدارية، وانقسمت إعمالهم إلى قسمين:
- - العلاقات البشرية في سلوك الموظفين (Human Relations Approach to Worker Behavior).
- - العلوم السلوكية في سلوك الموظفين (Behavioral Science Approach to Worker Behavior).
العلاقات البشرية في سلوك الموظفين:
كانت بدايات هذه المدرسة في عشرينات وثلاثينيات القرن الماضي، وبشكل عام تؤصل هذه المدرسة لأهمية الأفراد في المؤسسة. وضع أساسيات هذه المدرسة الدكتور إلتون مايو، ومن أهم أعماله دراسة هاوثورن. من خلال تلك الدراسة تم استنتاج أن التغيير في مكان العمل يزيد من انتاجية الموظفين على المدى البعيد وبنسبة بسيطة. ومما اثبتته النظرية أن الطريق إلى زيادة انتاجية الموظفين يمكن في:
- تفهم الحاجات النفسية أو العاطفية والحاجات الجسدية أو صحة الموظف.
- شرح الأسباب المؤدية للقرارات الإدارية.
- وإشعار الموظف بأهمية عمله ومشاركته في الشركة، وأن الإدارة تقدر ذلك له.
بينت هذه الدراسة للباحثين أهمية الجانب الإنساني للموظف، وبناء عليها بدأ الشق الآخر من المدرسة السلوكية بالظهور.
العلوم السلوكية في سلوك الموظفين:
النظريات السابقة لسلوك الموظفين كانت تحاول فهم سلوك الموظفين بناء على إحدى الحاجات للوظف، مثلاً إرضاء غرور الموظف. لكن باحثي سلوك الموظفين الجدد بدءوا بمحاولة لدراسة وفهم أكثر من حاجة في نظرية واحدة. أهم الباحثين والنظريات التي استنتجوها كانت كالتالي:
- إبراهيم مازلو، وضع نظرية تعرف بـ”نظرية مازلو لتدرج الحاجات“، أو “هرم مازلو لتدرج الحاجات”. في هذه النظرية قام مازلو بتقسيم الهرم إلى خمس شرائح. في كل شريحة وضع نوع من أنواع الحاجات التي يطلبها البشر. بشكل عام تتدرج هذه الحاجات من حيث الأهمية من الأسفل إلى الأعلى. فالإنسان الذي يبدأ وهو لا يملك شيئاً يسعى للحصول على الحاجات من الطبقة الدنيا، وبعد أن يتشبع، يبدأ بالبحث عن اشباع الحاجات من الطبقة التي تعلوها وهكذا. وفي حالة عدم إشباع حاجة لمدة طويلة قد تتسبب في ضغوطات شخصية تؤثر على نفسية الشخص.يستخدم هذا الهرم بشكل رئيسي في تحفيز الموظفين، فالموظف الذي اشبع رغباته من الطبقة الأولى لن يشعر أنك قد قدمت له شيئاً لو وفرت له مزيداً من الطعام.
- دوقلاس ماقريقور، استكشف الجانب البشري من المنظمة الإدارية، ووضع أساسيات النظرة التقليدية والحالية لسلوك الموظفين. البعض يرى الناس على أنهم عاطفيين وودودين ولا يحتاجون للكثير من الأنظمة والقوانين الصارمة، وآخرون يرون أن الناس الحاجة للصرامة والملاحظة الدقيقة. بشكل عام من هاتين النظرتين وضع دوقلاس نظريتاه الشهيران، النظرية اكس والنظرية واي. تقول النظرية أكس، أن الموظفين كسولين وسيتجنبون العمل متى ما أمكنهم ذلك لأنهم يكرهون العمل. وبالتالي، الإدارة يجب أن تكون صارمة مع إشراف دائم ومتابعة دقيقة. أما النظرية واي فتقول، بأن الموظفين طموحين ويمتلكون حس تحفيز الذات ومراقبتها. وأنهم أيضاً يتمتعون بأداء التحديات الجسدية والذهنية التي يواجهونها في العمل. وبالتالي فالإدارة يجب أن تقوم على الثقة المتبادلة.
- فريدريك هرزبرق، قام بدراسة استنتج من خلال نظرية التحفيز والصيانة. تقول هذه النظرية أن مكان العمل يحتوي على عنصرين وهما المحفزات والصيانة. المحفزات، وهي تحدث من العمل نفسه وتعطي شعور إيجابي تجاه العمل. مثلاً، القيام بالعمل، تحقيق إنجاز، تقدير الذات، الشعور بالمسؤولية، الترقية، أو التطور الوظيفي والشخصي. أما الصيانة، فهي ذات علاقة بالإنتاجية في العمل ولكنها تحدث من طرف خارج نطاق العمل. مثلاً، الراتب والفوائد المادية، نظام المؤسسة وقوانينها، العلاقة مع الزملاء في العمل، المتابعة، الحالة العامة، الأمن الوظيفي، أو الحياة الشخصية. ومن أهم استنتاجات فريدرك التالي:
- الناس يشعرون بالضيق من بيئة العمل السيئة، ولكنهم غالباً لا يظهرون الراحة عندما تكون البيئة مناسبة.
- الوقاية من عنصر محفز لقلة الرضا بذات أهمية تشجيع عنصر محفز للرضا.
- عوامل الصيانة تعمل بشكل مستقل عن عوامل التحفيز، فمن الممكن أن يكون أن يكون موظف متحفزاً ومتشجعاً للعمل بشكل ممتاز جداً مع أن البيئة التي يعمل فيها لا تتوفر فيها عوامل صيانة.
- جميع عوامل الصيانة بذات الأهمية، على الرغم أن ظهورها يختلف من عامل لآخر.
- عوامل الصيانة تأثيرها يكون على المدى القصير فقط. فأي تغيير فيها سيؤدي إلى إزالة جزئية أو تجنب لإنعدام الرضا للموظف.
- عوامل الصيانة تحدث بشكل دوري، وهذا يؤدي إلى التساؤل الذي يواجهه مدير من موظفيه بعبارة: “ما الذي قدمته لي في الفترة الأخيرة؟”
- عوامل الصيانة لا تعتبر حل نهائي للمشكلة.
- بيتر دراكر، من أشهر وأهم باحثين علم الإدارة الحديث. كتب عدد من الكتب والمقالات توقع فيها شكل الإدارة في المستقبل، وتحقق الكثير منها. أدخل فكرة الإدارة بالهدف أو “(Management by Objective (MBO” أو وضع هدف في منطقة من المؤسسة يتطلب من الموظفين بلوغ نتيجة أو انتاجية. أيضاً تحدث عن اللامركزية في مكان العمل، وعن التعاقد مع مؤسسات أخرى لتأدية جزء من العمل.
مدرسة الإدارة العلمية:
وأحياناً يطلق عليها مدرسة الإدارة الكمية، وفيها يتم استخدام تطبيقات للرياضيات والهندسة للمساعدة على اتخاذ القرارات الإدارية. من الأمثلة على هذه التطبيقات: العينات، وفيها يتم استخدام الرياضيات لتحديد حجم العينة ووقت اخذها للمساعدة في وضع معايير الإنتاجية. والتنبوء، وفيها تستخدم الرياضيات لمحاولة توقع ما سيتحدث في المستقبل.
مدرسة إدارة الجودة:
وهي مجموعة من الفلسفات والمبادئ تستخدم كدليل للوصول إلى التطوير المستمر للمنظمة الإدارية. وللوصول لهذا هذا الهدف، تستخدم مدرسة إدارة الجودة عدة تطبيقات كمية كتلك المستخدمة في مدرسة الإدارة العلمية، مع بقية موارد الشركة، كالموظفين ورأس المال. والهدف تحسين جميع عمليات الشركة للوصول إلى جودة أفضل، وللتأكد من درجة تلبية الشركة لإحتياجات عملائها الحاليين والمستقبليين. وبالإضافة لذلك يتم أيضاً استخدام بعض تطبيقات الجودة مثلا:
- العصف الذهني.
- وضع الأهداف.
- القياس الإحصائي.
- مجموعات العمل.
- وتحليل لخط سير العمل.
ويمكن تلخيص أهم المساهمين في وضع أسس إدارة الجودة بشخصين وهما:
- ويليام إدوارد ديمينق، في بداياته وأثناء الحرب العالمية الثانية، كان ويليام مدرب ومتحدث، درّس الكثير من الشركات الأمريكية طريقة تطوير أعمالهم ورفع مستوى الإنتاجية والجودة لمنتجاتهم. دروس ويليام لم تعد تطبق في الشركات الأمريكية بعد الحرب العالمية. انتقل لليابان بسبب طلبه هناك لتدريب مدراء الشركات اليابانية حول الجودة. ومن المرجح أنه كان من أوائل من أدخل نظام الإحصاء لتحديد أفضل الأنظمة للإنتاج في الشركات اليابانية. ويقال بأن الشركات الإمريكية عادت لإستيراد وتطوير أفكار ويليام من اليابان في السبعينيات من القرن الماضي. وفي كتابه (Out of the Crisis) وضع المبادئ الـ ١٤ للتحول إلى العمل بفعالية، وهي:
- خلق عادة من التطوير المستمر للمنتجات والخدمات: بدل صنع المال، الهدف يتركز في البقاء في السوق، وتوفير الفرص الوظيفية عن طريق البحث والتطوير المستمر والصيانة.
- تبني فلسفة جديدة: الإدارة في العالم الغربي يجب أن تعي أنها في عصر اقتصادي جديد، ويتوجب عليها ان تتولى القيادة للتغيير.
- التوقف عن استخدام التفتيش اليدوي لزيادة الجودة: القضاء على الحاجة للتفتيش من خلال بناء الجودة في المنتج من البداية.
- الحد من مكافآة الشركات بناءاً على السعر فحسب: بدلاً من ذلك التقليل من التكلفة، والإعتماد على مورد واحد لكل منتج وبناء علاقة طويلة الأمد مع الموردين مبنية على الثقة والولاء.
- تطوير نظام الإنتاج والخدمة عملية مستمرة: عملية التطوير يجب أن تكون بإستمرار ودون توقف لتحقيق الجودة ومستوى الإنتاجية المطلوب مع تخفيض التكاليف.
- التدريب في المؤسسة: جميع الموظفين يجب تدريبهم، لأن الجودة يجب أن لا تترك للفرص.
- القيادة في المؤسسة: القيادة تكون في مساعدة الناس لتحسين مهاراتهم في العمل، وأيضاً في التعرف على من يحتاج للمساعدة.
- إبعاد الخوف يؤدي إلى الثقة: ينبغي تشجيع الموظفين على السؤال وطلب المساعدة في المواضع التي قد لا يكونون متأكدين منها.
- كسر الحواجز بين الأقسام: الموظفين من جميع الأقسام يجب أن يعملوا كفريق واحد لتحديد وتوقع المشاكل في مكان العمل.
- التخلص من الشعارات والنصائح والأهداف التي توضع للموظفين: لأنها تؤدي للعداوة بين الموظفين، النسبة الكبرى من اسباب تدني الإنتاجية يمكن في النظام وخارج يد الموظفين.
- التخلص من الإدارة بالحصص أو بالأرقام: ويقصد فيها وضع حصة من العمل يتوجب على العامل إنهائها، لانها تعتمد على عدد وليس على الجودة.
- إزالة الحواجز التي تسلب الموظفين من إبراز قدراتهم: الناس يحبون القيام بالعمل على اتم وجه، ويكرهون عدم مقدرتهم على ذلك.
- تطوير نظام للتعليم والتدريب: الموظفين يحتاجون بإستمرار لتعلم مهارات جديدة، ولتطوير انفسهم.
- وضع جميع الموظفين كجزء من عملية التطوير: الموظفين لا يستطيعون تطوير المؤسسة لوحدهم وكذلك المدراء. لتحقيق ذلك الهدف يجب توحيد جهود المدراء والموظفين وجميع من له علاقة بالمؤسسة.
- ويليام أوشي، بروفسور أمريكي وكاتب في مجال إدارة الأعمال، كان معظم أعماله يتركز حول المقارنة بين المؤسسات الأمريكية واليابانية ونظام الإدارة فيهما. وأثناء ذلك طور النظرية المعروفة بـ نظرية زي، ويقصد فيها طريقة الإدارة في المؤسسات اليابانية والتي قادتها لتصدر مكان مرموق على مستوى العالم. وبإختصار نظرية زي تركز على التخطيط البعيد المدى، التوافق الإداري، وأيدي عاملة مخلصة. أيضاً الموظف ينبغي توظيفه لأجل مواهبه، وبالتالي يتم صياغة المهام التي يتولها الموظف بناءاً على هذه الموهبة. أخيراً الموظف يجب أن يساهم في عملية صياغة المهام وتطويرها.
مدرسة الأنظمة:
في هذه المدرسة يتم النظر إلى المؤسسة على أنها مجموعة من الأنظمة المترابطة، تعمل فيما بينها لتحقق أهداف المنظمة ككل. من الأمثلة على هذه الأنظمة، نظام التسويق، نظام المالية، نظام المبيعات، ونظام المشتريات… أيضاً، مجموع الأنظمة هذه والتي يشكل المؤسسة، نظام مفتوح، على أنظمة أخرى تتفاعل معه. إذا لم تتضح الصورة حتى الآن لا تستعجل، فبنهاية المقال ستتضح الصورة أكثر. لنفهم آلية عمل المؤسسة من زاوية مدرسة الأنظمة سننظر للمؤسسة من ثلاثة أبعاد أومستويات:
- أولاً: نظرة شاملة للمؤسسة ككل وتفاعلها مع الأنظمة الخارجية.
- ثانياً: نظرة متوسطة البعد لتفاعل الأنظمة الجزئية داخل الشركة.
- ثالثاً: نظرة مقربة لأحد أنظمة المؤسسة.
المستوى الأول، المؤسسة كنظام:
عندما ننظر للمؤسسة من بعد، سنرى الهيكل الكلي للنظام والذي يعمل بالشكل التالي:
- المدخولات يبدأ بها النظام، وقد تكون هذه المدخولات نواتج عملية نظام الآخر.
- عملية التحويل، أو إضافة القيمة ويقوم بها انسان أو آلة.
- النواتج، وهي من الممكن أن تكون مدخولات لنظام آخر، أو منتج نهائي للمستهلك.
- التغذية العكسية “أعتذر عن الترجمة – يقصد بها feedback” وهي ردود الفعل أو وجهة النظر تجاه عملية الإنتاج، وتستخدم لتحسين العملية أو تطويرها.
- التحكم، وتشمل جميع الأنظمة والقوانين المتعلقة بالإنتاجية، أو الميزانية.
النظام تحده من الخارج أنظمة يتفاعل معها باستمرار، وتؤثر عليه، وهي: النظام الإقتصادي، النظام القضائي، النظام السياسي، النظام الأخلاقي، النظام الإجتماعي، النظام التعليمي، نظام المواصلات.
المستوى الثاني، تفاعل الأنظمة الجزئية داخل المؤسسة:
كل قسم من أقسام المؤسسة يشكل نظام جزئي. له حدود، يطلب مدخلات من الأنظمة الأخرى في المؤسسة، ويورد لها نواتج. جميع هذه الأقسام تعمل من أجل هدف واحد وهو هدف المؤسسة ككل. من الأمثلة على هذه الأنظمة الجزئية، نظام التسويق، نظام المحاسبة، نظام المشتريات.
مثلاً، ليتمكن نظام الإنتاج أو المصنع من العمل، يحتاج لمدخلات من عدة أنظمة، كالأرقام المتوقعة للمبيعات. يستخدم هذه الأرقام والتي هي في الأصل نتائج من قسم التسويق، كمدخلات في عملية الإنتاج، ويورد المنتج النهائي وهذا هو ناتج نظام الإنتاج. بعدها قد يصبح هذا المنتج أحد المدخلات لنظام التوزيع… وهكذا
المستوى الثالث، نظرة داخل أحد الأنظمة الجزئية:
كل نظام جزئي في المؤسسة، أيضاً يتشكل من مجموعات عمل، أو أنظمة جزئية أخرى. هذا المجموعات ليست ثابتة بالضرورة، بل تتغير بحسب الطلب. لنأخذ مثال على نظام الموارد البشرية.
نظام الموارد البشرية، يتشكل من عدة أقسام ومجموعات عمل، من الأمثله عليها:
- فريق الإتصالات الداخلية.
- فريق العلاقات العامة.
- فريق التوظيف.
- فريق التدريب.
- فريق الشئون الداخلية.
تلاحظ أن الفرق قد لا تكون موجودة على طوال الوقت، مثلاً فريق التوظيف يتم تشكيله عندما تحتاج المؤسسة لكوادر وظيفية جديدة، وقد يحل الفريق بعد إنتهاء المهمة.