قواعد أساسية لتقييم الشركات الناشئة
2022/05/15
ما تحتاج معرفته قبل أن تبدأ تقييم شركتك!
موضوع هذا المقال سيكون مراجعة وتلخيص لأهم المعادلات التي سبق شرحها في السلسلة السابقة، وسنحتاجها في القيام بعملية الإسثتمار. كما وسيعرج على أهم الأخطاء المتعلقة بالجوالات الإستثمارية، وكيفية تفادي حصول جولات انخفاض القيمة (Down rounds) للشركة.
التقييم ابتداءً عملية حسابية، ولذلك ستجد المعادلات الرياضية في كل منعطف من منعطفات الموضوع. في هذا الجزء سأراجع معكم أهم المصطلحات والمعادلات التي تستخدم في عملية التقييم. احتفظ برابط هذا المقال لتعود إليه بين الوقت والآخر، متأكد بأنك ستحتاجه عند بدء مفاوضاتك مع المستثمرين.
التقييم قبل وبعد الجولة الاسثتمارية
قيمة الشركة قبل وبعد الجولة الإستثمارية (دخول أموال المستثمرين للشركة) تختلف. تذكر أن قيمة الشركة قبل المال هي قيمة الشركة الصافية. أي أنها تمثل قيمة مساهماتك وشركائك وما تم إنفاقه فيها. بعد دخول المستثمرين تتغير القيمة وتزيد بما يعادل المبلغ الذي تم ضخه من قبل المستثمرين. لذلك هذه المعادلة تتخلص بثلاثة متغيرات، وهي: قيمة الشركة قبل المال، مبلغ الاستثمار و قيمتها بعد المال.
التقييم قبل المال لا يساوي بالضرورة قيمة الشركة التأسيسية (قيمة الأصول والموجودات في الشركة). فالشركة لا تتكون فقط من الأصول، المؤسسين وأفكارهم وتجاربهم وعلاقاتهم تكون قيمة غير محسوسة في الشركة. قد يكون من الصعب تقديرها في هذه المرحلة، ولكن محاولة تقدير هذه القيمة نقطة النقاش بين المؤسسين والمستثمرين. المؤسسين يحاولون تضخيم حجمها والمستثمرين سيحاولون تقليصها. هذا النقاش، محاولة من المستثمرين للحصول على أكبر حصة مقابل أقل قيمة، والمؤسسين يحاولون منح أصغر حصة مقابل أكبر مبلغ ممكن.
من هذه المعادلة يمكننا إشتقاق معادلة النموذج المالي للجولات الاستثمارية.
هذه المعادلة تحتوي على ثلاثة عناصر يتم تداولها خلال الجولات الاستثمارية والمفاوضة، ويمكنك استخدام أي عنصرين لتحديد قيمة العنصر الثالث. وكما هو اسم المعادلة، يمكنك استخدامها أيضاً في بناء النموذج المالي للجولات الاستثمارية. بمعنى يمكنك بناء عدة حالات من نوع ماذا لو كان التقييم هو (أ) والنسبة التي أرغب في منحها للمستثمر هي (ب)، كم سيكون مبلغ الاستثمار الذي سيمكنني الحصول عليه.. وهكذا.
تحديد قيمة السهم وعدد الأسهم الواجب اصدارها
بعد الوصول لقيمة الشركة، يمكن استخدام هذه القيمة للوصول إلى سعر السهم الواحد، باستخدام هذه المعادلة:
الخطوة التالية بعد تحديد قيمة السهم الواحد، يمكن لصاحب الشركة تحديد عدد الأسهم الواجب اصدارها ومنحها للمستثمرين مقابل المبالغ التي سيتم ضخها في الشركة باستخدام هذه المعادلة:
تحديد قيمة الشركة بناء على معرفة النسبة المطلوبة ومبلغ الاستثمار
في بعض الأحيان لا يتم الإفصاح عن التقييم بشكل مباشر، بل يتم الإشارة إليه ضمنياً. كأن يقول لك المستثمر، سأعطيك مليون ريال مقابل 25% من الشركة. غالباً، وخصوصاً في الشركات الناشئة، يقصد بذلك أن المبلغ سيذهب للشركة (لزيادة رأس المال) وليس لك أو احد الشركاء شخصياً. المعادلة التالية تساعدك على حساب تقييم شركتك في هذه الحالة:
أخطاء التقييم للشركات الناشئة:
القائمة التالية توضح أهم الأخطاء التي يقع بها رواد الأعمال أثناء قيامهم بتقييم شركاتهم:
- إعطاء حصص عالية للمستثمرين الأوائل. عادة ما يقع المؤسسين في الأيام الأولى تحت الضغط، والحاجة للحصول على التمويل، فيمنحون حصص للمستثمرين الأوائل دون التفكير بأبعاد هذه الحصص. على سبيل المثال، قد تمنح صديقك الذي وافق على تمويل النموذج الأولي لمشروعك ب 10,000 ريال 25%. هذه النسبة تعني أن قيمة الشركة في ذلك الوقت كانت 50,000 ريال. فلو جاء مستثمر بعده بأشهر ستجد صعوبة في إقناع الأخير بأن قيمة الشركة مثلاً أصبحت 300,000 ريال أو أكثر. لتفادي هذه المشكلة يفضل أن يتم إستخدام أداوات التمويل التي لا تتطلب تقييم كالقروض، أو عقود الحصص المؤجلة.
- تضخيم التقييم في الجولات المبكرة. على عكس الإشكالية السابقة، قد يحصل مع المؤسسين العكس. فقد يأتي عليهم مستثمر (قليل خبرة) أو متحمس ويقوم بالمبالغة في تقييم الشركة بشكل مبكر. مثلاً، مستثمر يضخ مبلغ 200,000 ريال مقابل 5% في شركة لا تزال في مرحلة الفكرة أي أن قيمة الشركة أصبحت 4 مليون ريال. ولأن المؤسسين سيحتاجون لمبالغ إضافية خلال فترة قصيرة، قد يجدون صعوبة في إقناع مستثمرين خبراء في الدخول في الشركة على تقييم أعلى، وبالتالي قد يحصل انخفاض لقيمة الشركة ويخسر المستثمر الأول.
- التقييم قبل نضوج الفكرة وتجربتها. وهذا يحدث عندما يتم تقديم التقييم على اختبار السوق وتجربة المنتج مع العملاء المحتملين. الأمر الذي قد يؤدي في حالات للتقليل من قيمة الشركة، عند عدم اخذ تجربة المستخدمين وقابليتهم للشراء في التقييم. أو إعطاء الفكرة وتوقعات السوق وزناً أعلى مما يجب فيتم المبالغة في قيمة الشركة. في الحالة الأولى المؤسس خسر حصصاً أكثر مما يجب. أما في الحالة الثانية فعند فشل التوقعات، سيرجع المؤسس للمربع الأول وسيقع تحت ضغط مطالبات المستثمرين والسيولة المتوفرة لتحقيق أهداف سيكون تحقيقها أصعب، خصوصاً مع الحاجة للإختبار وإعادة التجارب.
- عدم استيعاب الرابط بين مبلغ الإستثمار والحصص وقيمة الشركة. في المعادلات السابقة ركزنا على فهم التقييم من عدم جهات، ولاحظنا أن التقييم ومبلغ الإستثمار والحصص مترابطة بشكل وثيق. لذلك انتبه من بدء المفاوضات مع المستثمرين قبل أن تعي ما تطلبه وانعكاسه على باقي العناصر. مثلاً، عندما تطلب 200,000 ريال مقابل 5% هذا يعني أن قيمة الشركة سيصبح 4 مليون. وعندما تقول بأنك تطلب 500,000 على 1.6 مليون قيمة قبل المال يعني أن حصة المستثمر الجديد ستكون 24%. تأكد من القيمة، والنسبة والمبلغ المطلوب منطقيين، وأنك جاهز للإجابة على أي استفسار حيالهم.
- الإفراط في التركيز على قيمة الشركة. يضيع بعض المؤسسين الكثير من الوقت في مفاوضات مع المستثمرين للوصول إلى تقييم مستهدف معين. لا جدال حول أهمية المحافظة على حصص المؤسسين بقدر المستطاع، ولكن يتعلم المؤسسين الخبراء بمرور الوقت أن يضعوا المستهدف في مجال بدل أن يكون قيمة واحدة. فعلى الرغم من أهمية الحصول على افضل تقييم، إلا أن إضاعة الوقت في المفاوضة قد يأتي على حساب أمور أهم كتطوير المنتج وبناء العلاقة مع العملاء. وربما حتى التجهيز للجولة التالية.
- التركيز على التقييم فقط. المؤسسين أحياناً يركزون على التقييم كونه بنظرهم يعادل الحصص. والتي كلما كانت أكبر وقت التخارج كلما كانت عوائدهم أكبر. ولكن هناك أمور قد تعادل في أهميتها التقييم، وقد تكون أعلى أهمية وهي بنود التعاقد. والتي يكون فيها شروط لحماية المستثمرين، أولوية في التسييل، أو التحكم في قرارات مجلس إدارة الشركة. ربما سنتحدث عن هذه في سلسلة أخرى تتناول الأمور القانونية والتعاقدية للشركات الناشئة.
جولة انخفاض قيمة الشركة (Down Round):
تحدث جولة إنخفاض القيمة عندما يقبل المؤسس، تقييم أقل لشركته من قيمتها في آخر جولة إستثمارية لها. بمعنى آخر أن قيمة الشركة انخفضت خلال الفترة بين الجولة السابقة والجولة الحالية. ضعف التخطيط وسوء إدارة النقد هما اهم مسببات انخفاض قيمة الشركة. فما يحدث أن المؤسس يعود للمستثمرين في شركته بعد عدة أشهر ويطلب مبالغ إضافية. في هذه الحالة قد لا يكون المؤسس قد حقق أي إنجازات جوهرية، وبالتالي، ولو كان محظوظاً، قد يتم تقييم الشركة بذات التقييم السابق (Flat round) أو تخفيض قيمة شركته (Down round). كلا الحالتين تأثيرهم سيء على حصته حيث أنها ستنخفض. وكذلك على المستثمرين الذين قد يفقدون الحماس للشركة.
لتجنب الوقوع في جولة إنخفاض القيمة، تأكد من أنك وضعت خطط محكمة لإدارة التدفقات النقدية، ومعها أدوات للتحكم بمعدل حرق النقد (Burn rate). حاول تجنب المصاريف الثابته والعقود طويلة الأجل متى ما كان ذلك ممكناً. تأكد من حصولك في الجولة الإستثمارية على نقد يكفيك على الأقل لمدة 18 شهر. وابدأ التخطيط للجولة الإستثمارية التالية فور إقفالك للجولة الحالية. من ضمن مهام التخطيط للجولة التالية، وضع معايير للأداء تساعدك على الوصول للمرحلة الإستثمارية التالية، هذه المعايير يجب ان تكون واضحة وقابلة للقياس.