مدخل لأساليب التقييم
2022/05/12
الفرق بين التقييم والتسعير وتعريف بأشهر أساليب التقييم
أثناء عملي في الاستشارات المالية والاستثمارات، كان السؤال حول التقييم أحد أكثر الأسئلة تكرارًا. في هذا المقال سنتعرف على الفرق بين التقييم والتسعير وأهم أساليب التقييم المعتمدة.
تقييم الشي هو تحديد القيمة العادلة له. مالياً، يتم احتساب قيمة الشركة من خلال احتساب التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة وتعديل هذه التدفقات بعد احتساب عامل المخاطرة والشك في تحقق تلك الأهداف. التقييم ليس موضوعي، فهو يعتمد على نظرة المقيم وتوقعاته وبالتالي يندر أن يتفق اثنان على التقييم بنسبة 100%. ما يهم في التقييم قدرة الشخص أو المجموعة الداعمة للتقييم على تعزيز دراستها وتحليلها للتقييم بنموذج مالي وتبريرات لمعايير المخاطرة المرتبطة بالشركة والسوق.
أيضاً يختلف التقييم عن السعر. التقييم هو القيمة الفعلية للشيء، بينما السعر هو القيمة التي يقبل المستهلك أو المستثمر بدفعها لقاء الشيء. السعر يرتبط بالعرض والطلب، بينما القيمة كما ذكرنا سابقاً تعبر عن القيمة العادلة له. وللتبسيط، يمكن تقييم سيارة بإحتساب الإيرادات التي ستحققها من خلال توفير قيمة استئجارك لمركبة أو استخدامك للمواصلات العامة للعمر الإفتراضي للسيارة، ثم تطرح منها قيمة مصاريف ملكية وتشغيل السيارة خلال نفس الفترة، ثم تضيف عليها قيمة بيع السيارة كسكراب في نهاية العمر الإفتراضي. ولنتجاهل عامل المخاطرة هنا، لنفترض أننا سندرس فقط سيارات من نفس الصانع (تويوتا كورلا 2015م). المفترض أن القيمة النهائية لأي سيارة ستكون متقاربة، لكن قد تجد شخص يدفع سعر أعلى للسيارة ذات المواصفات الأعلى، أو اللون المختلف، مع أن هذا الإختلاف لا علاقة بينه وبين القيمة الفعلية للسيارة. فلا اللون سيطيل عمر السيارة، أو المواصفات ستمكنك من توفير تكاليف تشغيل السيارة.
لذلك عند التقييم يتم إضافة كل ماله علاقة بالتدفقات النقدية المستقبلية للوصول للقيمة العادلة للشيء المقيم. ومن ثم يمكن مقارنة التقييم بسعر السوق، الذي قد يكون أعلى أو قد يكون أقل من القيمة العادلة. أهم أسباب الإختلاف بين السعر والقيمة:
- البائع والمشتري لديهم معلومات مختلفة وربما قوتهم التفاوضية والمالية تختلف.
- العوامل العاطفية التي قد تدخل في المعادلة وتخل بدرجة موضوعية التقييم.
- لم يتم الوصول إلى جميع المشترين المحتملين (من قد يكون لديهم إدراك بالقيمة الفعلية).
- الإرتباطات التعاقدية أو القانونية التي تحد من قدرة البائع على طرح الشيء للعموم.
- الضغوطات الخارجية التي قد تجبر البائع أو المشتري على التنفيذ بسعر محدد.
- البيع أو الشراء قد لا يكون مدفوعاً بالكامل نقداً.
أساليب تقييم الشركات (المنشآت الاقتصادية):
هناك ثلاثة أساليب رئيسية لتقييم الشركات:
- أسلوب الدخل، أو أسلوب القيمة المستقبلية. وفي هذا الأسلوب يتم احتساب التدفقات النقدية المستقبلية للشركة، ومن ثم تخفيضها للوصول لإجمالي القيمة الحالية باستخدام معامل الخطورة.
- أسلوب السوق. ويتم فيه تقدير سعر الشركة بناءاً على أسعار الشركات المشابهة والمدرجة في السوق العام أو عمليات الإستحواذ التي تمت مؤخراً.
- أسلوب التكلفة أو أسلوب الأصول. هذا الأسلوب يوجد قيمة الشركة فيما لو تمت تصفيتها وبيع أصولها. احتسابه يتم من خلال إيجاد القيمة السوقية لأصول الشركة، ويطرح منها القيمة الحالية للإلتزامات على الشركة.
تقييم الشركات الناشئة
تقييم الشركات الناشئة، خصوصاً تلك المعتمدة على الأفكار والأصول الغير محسوسة (البرامج، الاختراعات، الأبحاث والملكية الفكرية) صعب إن لم يكن مستحيلاً، خصوصاً في الأيام الأولى من المشروع. ولو نظرنا لأساليب التقييم السابقة الذكر فنلاحظ:
- في أسلوب الدخل، من الصعب تقدير التدفقات النقدية المستقبلية نظراً لعدم نضوج الفكرة، وضبابية مستقبل الإيرادات وحجمها. كما وأن معامل الخطورة عالٍ جداً الأمر الذي قد يخفض من قيمة الحالية للتدفقات المستقبلية بشكل جوهري. أضف إلى ذلك أن الشركات التقليدية لديها قدرة على الوصول إلى تمويل بتكلفة أقل، سواء برهن الأصول أو الضمانات الأخرى، وهذا غير متحقق لدى الشركات الناشئة.
- أما أسلوب السوق، فالشركات المدرجة في سوق الأسهم شركات ناضجة وتقليدية، لديها خبرة عريقة في السوق وتدار من قبل فريق لديه مؤهلات مختلفة. بالتالي مقارنتها مع شركتنا الناشئة السريعة الحركة غير منطقي. ولو انتقلت للنظر في صفقات الإستثمار والإستحواذ على الشركات في السوق الناشئ، ستواجهك مشكلة الوصول للمعلومات الدقيقة، والصورة الكاملة لأي صفقة. فالصفقات تدخل فيها عوامل تؤثر على دقة التقييم وصحته. على سبيل المثال:
- القيمة الإستراتيجية، كأن تقوم فيسبوك بالإستحواذ على تطبيق شبكات اجتماعية للوصول إلى شريحة من العملاء أو الوصول إلى نطاق جيوغرافي لم تتمكن فيسبوك الأم من الوصول إليه. في هذه الحالة قيمة المشروع نابعة وجود قيمة استراتجية للمنتج.
- سهولة التسييل، بالإضافة للقيمة الإستراتيجية فإن هناك خطورة مرتبطة بإمكانية تسييل الحصص. بمعنى أنه وعند وصول الشركة للمرحلة التي تستدعي تسييل المستثمرين لحصصهم فقد لا يكون ذلك سهلاً. بالتالي قد يضطر المستثمر إلى البيع بسعر أقل من القيمة الفعلية للشركة.
- معيار المقارنة، نظراً لكون شركتك والشركة المقارنة تختلف في الحجم، فإن هناك حاجة لإيجاد معيار لتحقيق المقارنة. عادة ما يتم استخدام المبيعات، القيمة الدفترية أو الأرباح. وقد يضاف لها معايير أخرى كعدد العملاء، ربحية العميل الواحد وغيرها. في المشاريع الناشئة تشكل هذه المعايير إشكاليات مختلفة. فالشركة في الغالب لا تحقق مبيعات، وحتى لو كان هناك مبيعات فإن نموذج الإيرادات قابل للتعديل والتصحيح في المستقبل، وكذلك المعايير المتعلقة بالعملاء ونماذج الإيرادات. القيمة الدفترية منخفضة جداً ولا تعبر عن القيمة الفعلية للشركة.
- القدرة على البقاء. قيمة الشركة محكومة بقدرتها على المنافسة والبقاء، عند مقارنة الشركات يتوجب النظر في المعايير المساندة والداعمة للشركة على بقاءها. الإشكالية هنا صعوبة حصرها، واحتساب تأثيرها. مثلاً، وجود كبار المستثمرين في شركة قد يعني سهولة حصولها على تمويل في المستقبل. كذلك المؤسسين وتنوع خبراتهم، وجود علاقات مع لاعبين في السوق، وغيرها.
- أخيراً في أسلوب التكلفة، فالشركات الناشئة المعتمدة على الأفكار والتطوير قيمتها غير محسوسة، وبالتالي يصعب تقييمها، أو ما يمكن تقييمه منها فإنه لا يمثل القيمة الفعلية للمشروع.